الجمعة، 1 نوفمبر 2019

خطواتنا الصغيرة نحو تعلم تفسير القرآن

نوفمبر 01, 2019 1 Comments



تأخرت هذه التدويينة كثيرا .. ولكن عن غير عمد في الحقيقة فنرجو المعذرة :)

الكلام عن التفسير كمادة في مدرستنا ربما لن يطول علي عكس ما يتوقعه البعض، لن أبالغ إن قلت أن هذه المادة هي أقصر موادنا الدراسية في الوقت والتحصيل ..كما وأنها مادة ثانوية نتعرض لها مع بعض السور دون الأخري.. ولكن متي فعلنا جعلناه وقتا ممتعا قدر المستطاع.

وإنما ما سأتكلم عنه أكثر هنا هو منهجيتنا في هذه المادة و سأحاول أن أوضح ما الذي نفعله وكيف نفعله ولماذا ؟! لكن من المهم أن ننتبه إلي أن هذه المنهجية هي مرحلتنا الأولي في الدخول في مادة تفسير القرآن، أي أن هذا القدر سيتغير مع تقدم العمر وهذا الكم من التحصيل سيزداد ويتشعب .. لكن في عمر ابنتي الحالي اكتفي بهذا التبسيط الشديد للمعلومات وللكم المحصل. وأهدف من خلال ذلك لعدة أهداف محددة اكتفي بها:
 أن نحب الجلوس لسماع التفسير وحكايات القرآن كما نحب أن نجلس لسماع القصص وقراءة الكتب الأخر. 
 وأن تدرك أننا يمكن أن نتعلم من خلال القرآن الكثير من الأشياء "الحلوة" والمعلومات المثيرة.
وأن القرآن هو مصدر تعلمنا عن الله والنبي محمد والملائكة ومنه نعرف بعض من طبيعة الكائنات والعالم من حولنا  .


نأتي الآن لكيفية تطبيق هذا:

أولا: في مرحلتنا الحالية .. يعتبر التفسير مادة لغوية بالأساس إذ نركز أكثر علي حفظ معاني المفردات .. وليس ذلك في كل السور.
بعض السور نمررها فلا نفسر أي مفردة فيها إذ أري أن معانيها أكبر من استيعابنا في المرحة الحالية 
وبعض السور نفسر بعض مفرداتها دون البعض ،
والبعض الآخر نفسر ما فيه كله.

فمثلا سورة قريش تعلمنا منها ما هي قريش ومعني القبيلة وما المقصود بالبيت ولكن لم نقف عند لفظة "لإيلاف" ولا "إيلافهم".
وفي سورة الفيل تعلمنا تقريبا كل مفردات السورة،
 أما سورة العصر فلم نفسر منها شيء.
أما عن كيف نحفظ معني المفرده؟
فالإجابة الرسم .. نرسم معني المفردة.

 واخترت هذا لإضفاء بعض المتعة علي حلقة التفسير خاصة مع حب ابنتي للرسم، ولكي  يسهل عليها حفظ المعني الذي رسمته بيدها ومراجعته فيما بعد. إذ خصصنا كراس خاص لرسم المفردات ونفتحه كل فترة نتصفح رسوماتنا التي هي بالأساس معاني للمفردات التي حفظناها، فنكون بذلك راجعنا بدون مراجعة وحفظنا من دون حفظ :)









كما أني مع كل رسمة اكتب المفردة ومعناها بخط واضح آملة أن يمثل هذا كتاب"معاني مفردات القرآن"خاص لابنتي فيما بعد، تفتحه بمفردها فتقرأ فيه معاني كلمات القرآن من دون مساعدة مني.

_____________________________________


ثانيا : التفسير كمادة عقدية
 التفسير يعد مدخل للتعرف علي الله والنبي وأركان الإيمان عموما، لم أحدث ابنتي عن كون الله واحد فرد لا مثل له في الدنيا كلها إلا حينما تعلمنا سورة الإخلاص، ولم أخبرها أن القرآن كلام الله إلا مع دراستنا لقصة أصحاب الفيل، ولم أحدثها عن أن الكعبة بيت الله إلا ونحن نرسم مفردة " هذا البيت" من سورة قريش، ولم أخبرها أن الله هو خالق كل الناس والكائنات إلا ونحن نحفظ سورة الناس.

فالتفسير لدينا مدخل للعقيدة بتبسيط شديد وبدون أي تطويل أو معلومات زائدة خاصة أن مارية لم تبدأ مرحلة الأسئلة عن الله والغاية بعد. فأصبح دور تعليمها ملقاه كله علي كاهلي ومن ثم أحذر جدا جدا في تقديم هذه الأصول لها حتي لا أشوش عقلها بتفاصيل أكبر من استيعابها .. طالما أن عقلها لم يهتم بعد بالتعلم والسؤال .

وعليه يعتبر الدرس العقدي درس تفسير بالأساس .. حتي نتوسع فيه لاحقا.



_____________________________________


ثالثا: التفسير كمادة تربوية :
يمكن اختصار الكلام تحت هذا العنوان في "استخراج الدروس المستفادة من السورة والعمل علي تعلمها"


لكل سورة من سور القرآن وحدة موضوعية ومقصد تدور حوله.. وتحت هذه الوحدة موضوعات فرعية متباينة في ظاهرها لكنها تخدم الوحدة الأساسية للسورة في أصلها .. قبل تقديم السورة لابنتي أقرأ تفسيرها جيدا والمقصد الذي تدور حوله.. ثم أنظر في الموضوعات التي تتناولها السورة أي واحد منها يناسب مرحلتنا العمرية الحالية ويخدم مستوانا العلمي الحالي وأقدمه وفقط . 

مثلا سورة الفيل مقصد السورة هو إظهار قدرة الله علي حماية بيته الحرام تذكيرا وامتنانا .
أحد الموضوعات التي تشير إليها السورة في طياتها هو كيف أن الحيوانات من  جنود الله عز وجل التي يستعملها للصد عن دينه
وهو أصلا معني مكرر في القرآن كثيرا في قصص الأمم السابقة ..
فأخذت هذا المعني "المتكرر" في القرآن وركزت عليه فقط حين تعلمنا تفسير السورة وعلمت ابنتي كيف أن الطير والفيل من عباد الله وأنهم يطيعونه ولا يغضبونه بل يغضبون ممن يؤذي دينه ويدافعون عن بيته .
نفس الشيء كان قبلها في سورة قريش .. فمقصد السورة الأساسي هو قبيلة قريش وما منّ الله عليهم به وواجبهم نحو ذلك.
ولأن قريش اسم علم لمخاطب يخاطبه القرآن كثيرا .. ولأنها لفظة مهمة في سيرة النبي صلي الله عليه وسلم .. فركزنا في تفسير السورة علي معرفة من هي قريش وما هو البيت الذي يكانوا يعيشون عنده .. كيف كان عيشهم، طعامهم شرابهم ركوبهم، لباسهم .. ثم قلنا أن الله هو من كان يرزقهم بكل ذلك..

هكذا يسير الأمر ..
مفهوم واحد من السورة نركز عليه كل عملنا وحديثنا، ويكون أقرب لفهمها واستيعابها وفي نفس الوقت يخدم مقصد السورة الأساسي لأننا سنعود ثانية لتدارس السورة لكن بتفصيل أكبر مع تقدم العمر، فنبني بهذا توجيهات متراكمة علي بعضها لنصل إلي العمل بكل آيات السورة كما أرجو وأتمني.

هذه الدروس المستفادة التي اختار التركيز عليها تكون بعد تحضير السورة وقراءة تفسيرها ومعرفة مقصودها
واعتمد فيه علي كتابين "المختصر في التفسير" و كتاب آخر لكنه متقدم المستوي، لذا يمكنك استبداله بأحد الكتب المختصرة مثل تفسير السعدي أو أيسر التفاسير للجزائري أو التفسير الميسر وكلها متوفرة علي الشبكة سهل الوصول إليها من جوجل.


_____________________________________


رابعا: التفسير كمدخل للعلوم والأنشطة:

 أنا من أنصار توظيف الأنشطة في دراسة الدين عموما ومواده المختلفة .. إذ كيف يتعلم الطفل العلوم المختلفة بطرق جذابة ممتعة ثم نأتي للدين ونقول له اجلس فقط للتلقين والتلقي.
ولكن .. الأمر يجب أن يكون موزونا ووسطا .. لا يترك كله ولا نبالغ في استخدامه .. وخاصة مع القرآن فإنه "قول فصل . وما هو بالهزل"

لذا .. في منهجيتنا نؤخر الأنشطة العلمية ولا نعتمدها إلا إذا خدمت مراد السورة نفسها .. أي أن يوضح لنا النشاط مراد السورة ويزيدنا إيمانا بمعناه ويعيننا علي العمل به.
وليس مجرد نشاط بعيد عن المعني نلصقه الصاقا بالسورة لكي نقضي وقتا ممتعا في ظاهره لكنه مشتتا في حقيقته. لأنه يشغل قلب الدارس في موضوعات فرعية ثانوية بعيدة عن مراد السورة نفسه وما تحاول بثه في قلب المتلقي.

كمثال لتوضيح الكلام: في سورة قريش توقفت كثيرا عند قول الله "رحلة الشتاء والصيف"، ففكرت كثيرا كثيرا أن أجعل هذه الآية مقدمة ومدخل للدراسة عن الفصول. ثم نظرت .. هل هذا سيخدم المراد الذي تدور حوله معاني السورة أم سيأخذنا بعيدا عن المضمون .. ؟!

هكذا تدور الأمور في منهجيتنا..

الذي أهدف إليه حقا حين أُجلس ابنتي لتتعلم القرآن أن تجمع قلبها كله لمراد الله من كلامه.. ما الذي أراد سبحانه أن يقوله لنا هنا ولماذا، ما الذي يريد أن يربينا عليه؟!
فلا أحب تشويش قلبها بمعاني فرعية علمية بعيدة عن الغرض الأساسي من السورة أو الآية التي ندرسها. لا أقول أن هذا حرام أو لا يجوز، لكن أقول كما قلت من قبل: ظني أنه يفرغ القرآن من اختلافه ككتاب عقدي تربوي بالأساس في عين الطفل .. ليجعله شبيه بكتب أخري يتعامل معها كمصدر تعلم ومتعة لا مصدر تشريع واتباع!
ولكن رغم ذلك فليس كل الأنشطة سيئة .. بعض الأنشطة مفيد حقا ويثبت معني السورة في القلب ويعين علي العمل.. علينا فقط أن نكون أكثر انتقاءا لمتي وكيف نربط النشاط بالسورة أو الآية.

والحديث هنا يخص الأنشطة العلمية.. وليس أنشطة اللغة. إذ لا يستقيم عقلا أن نفصل بين القرآن والعربية في تعلمهما !



__________________________


إلي هنا ينتهي الكلام .. فهذا هو شأن مادة التفسير في مدرستنا ... خطوات صغيره نأمل أن تكبر مع الزمن